هل صفاتُ الله تعالى الفِعلية توقيفيةٌ أم لا؟
للعلامة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي #فركوس
____________
الــســـؤال
إِنَّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينه ونستغفره، ونعوذ باللهِ من شرورِ أنفسِنا، وسيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فهو المهتدي، ومن يضللْ فلا هادِيَ له، وأشهد أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحْدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أمَّا بعد:
فشيخَنا -حفظكم اللهُ تعالى- نرجو من اللهِ عزَّ وجلَّ أن يُبارِكَ في عمرِكم، ونسأله تعالى أنْ تصلَ رسالتُنا هذه إليكم وأنتم في أحسنِ الأحوالِ، وما ذلك على اللهِ بعزيزٍ.
فإنه ممَّا لا يخفى عليكم -حفظكم الله- شؤمُ الجهلِ وقُبحُه، وأنه يفعل في صاحبِه ما اللهُ به عليمٌ، وشفاؤُه -كما قال عليه الصلاةُ والسلامُ-: السؤالُ(١).
لذا ارتأينا نحن الإخوة من بلعبَّاس أن نسألَكم عمَّا أشكل علينا:
إنه قد ورد كلامٌ للإمامِ ابنِ الصلاحِ في كتابِه «صيانة صحيحِ مسلمٍ من الإخلالِ والغلطِ وحمايته من الإسقاطِ والسقطِ» قولُه -رحمه الله-: «إنَّ الأمرَ في إضافةِ الأفعالِ إليه سبحانه واسعٌ حتَّى لا يُتوقَّف فيها على التوقيفِ كما يُتوقَّف عليه في أسمائِه وصفاتِه، ولذلك توسَّع الناسُ قديمًا وحديثًا في ذلك في خُطَبِهم وغيرِها»، اﻫ.
موضعُ الإشكالِ أنه -حفظكم الله- الصفاتُ نوعان: صفاتُ الذاتِ وصفاتُ الفعلِ، وكما يُتوقَّف في صفاتِ الذاتِ كذلك يُتوقَّف في صفاتِ الفعلِ، وعلى هذا فما هو توجيهُ كلامِ الإمامِ ابنِ الصلاحِ -رحمه الله تعالى-؟
الـــجــواب
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فمرادُ ابنِ الصلاحِ -رحمه الله تعالى- أنه يجوز إضافةُ الأفعالِ إليه سبحانه إذا كانتْ صفةَ كمالٍ وإضافتُها إليه من بابِ الإخبارِ عنه سبحانه وتعالى فإنه لا يُتوقَّف فيها على التوقيفِ، فما كان على الكمالِ فتُقَيَّد به، وما كان من بابِ الإخبارِ فهو أوسعُ ممَّا يدخل في بابِ أسمائِه على ما أفاده ابنُ القيِّمِ -رحمه الله تعالى- في «البدائع»(٢)، فصفةُ المريدِ والصانعِ والفاعلِ هي صفاتُ أفعالٍ كماليةٌ لا تدخل في أسمائِه بل تُقَيَّد بالكمالِ إخبارًا عنه بتلك الصفةِ، ولذلك استعمل ابنُ تيميةَ -رحمه الله تعالى- في بعض المواضعِ من «المجموع» وصْفَ القديمِ -وهو المتقدِّمِ على غيرِه- وإن لم يدخلْ في أسمائِه إلاَّ أنه استعمله مخبرًا عنه سبحانه، فبابُ الإخبار عنه سبحانه وتعالى أوسعُ من أسمائِه وصفاتِه التوقيفيةِ.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
___________
فتاوى العقيدة
من تطبيق فتاوى العلامة #فركوس على الأندرويد
http://goo.gl/7NE8iL